مقدمة عن الحرية 

 

أكثر ما يُنشده العالم في الفترة الأخيرة ، ومعظم الجمعيات الحقوقية في المعمورة كلها ، تطالب بالحريات ، وأن الأشخاص يجب أن يكونوا أحراراً ، وهذا مطلب كل عاقل ، بأن يكون حراً أبيناً ، لأن بطبيعتنا الإنسانية نحن نميل إلى الحرية ، فالإسلام ينظر إلى الحرية بأنها فريضة ، ملزم بها الإنسان ، وهي ضرورة يجب أن يمارسها وفق الضوابط التى شرعها الله عزوجل .لكن السؤال الأهم ،من هو الحر ؟وكيف أحصل على حريتي ؟

 

الحرية

فإنَّ كثيرًا من الألفاظ والمصطلحات التي يتناولها كثيرٌ من الناس اليوم، تحتاجُ إلى تحريرٍ وضبط دوإلى أن تعرض على موازين الشرع، وبغير ذلك تختلط المفاهيم، وتنحرف القيم، وتختل المجتمعات ، وتسمَّى الأشياء بغير أسمائها وحقيقتها، مما ينشأ عنه الانحراف، في الأخلاق والقيم.

ومن بين هذه الألفاظ والمصطلحات التي تحتاج إلى تحريرٍ وضبط، ووزنٍ لها بالميزان الشرعي، الذي ينطلق من عقيدة التوحيد:مصطلح التحرر والحرية، لأن في أواخر ١٩٤٩ في محاولة تمم فيها فما هو الميزان الشرعي لهما؟ ومن هو الحرُّ الحقيقي في ميزان الشرع العظيم؟

 

هل كان الناس أحراراً قبل العصر الحديث ؟

هل كانت الحرية مشكلة في كل العصور ؟ أم  لم يكن الناس أحراراً قبل العصر الحديث ؟

يخبرنا ال أن بدايات المجادلة عن فكرة (الحقوق الطبيعية) المؤسسة السردية الليبرالية كانت تتضمن لفظ (امتلاك الحق في كذا ) ويقول جان جيرسون رئيس جامعة باريس في عام ١٤٠٠ميلادية أن الحرية هي ملكية كأي ملكية أخرى ،وبالتالي لا مشكلة في أن يبيعها شخص لأي شخص أخر .

لفظ امتلاك لفظ مربك ، ألا يعني ذلك أن امتلاكي لحريتي الا يعني اني استطييع بيعها لأي أحد ؟

تعريف الحرية من منظور إسلامي

،الحرية :الإرادة الكاملة في الاختيار دون قهرٍ أو جبر.

وهذه الإرادة لا تعنى أنها غير مقيدة أو تسير لا ضوابط؛ بل هي مقيدة بالعبودية لله سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ الشيخ سامح الجبهسَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ…} (آل عمران: 64).

الحرية ضرورة إنسانية وفريضة شرعية

جعل الله للحرية مقامًا يعدل مقام الحياة نفسها: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (النساء: 92)؛ فمن اعتدى على نفس بالقتل؛ أوجب عليه الله سبحانه وتعالى أن يحرر نفسًا أخرى من الرق؛ وكأن تحريرها إحياء لها من موت كانت فيه، وهي العبودية؛ لذا الحرية في الإسلام تعدل الحياة [1]الشيخ سامح الجبه

حقيقة الحرية

إنَّ الحريةَ الحقيقية هي حرية القلب، والعبودية الحقيقية، هي عبودية القلب ،وهنا يمكن أن نستشهد بقول ابن تيمية رحمه الله تعالي ماذا يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أنى رحت فهي معي.

فمن أخلص عبوديته لله عز وجل، وخلص من عبودية الخلق، فهذا هو الحر حقيقة، وذلك لتحرر قلبه من عبودية الخلق.

أمَّا عبودية البدن أو حريته، فليست هي الميزان الحقيقي للعبودية والحرية، إذ قد يكونُ الإنسان مملوكًا لإنسانٍ آخر، لكنه أخلصَ عبوديتهُ لله عز وجل، فصار بذلك حُرًّا من عبوديةِ ما سوى الله عز وجل، وقد يكونُ الإنسان سيدًا وملكًا لكنهُ في الحقيقة مسترقُ القلب، عبدًا لشهوتهِ أو هواهُ أو زوجته، أو منصبه أو جنودهِ وأتباعه.

إذن فالمقصودُ بالحرية والعبودية هنا حرية القلب وعبوديته، لا حريةَ البدن وعبوديته.[2]ناصحون

الحرية المطلقة :

أن الحرية المطلقة ، لا توجد حتى في عالم الحيوانات ، فما بالك ،بنفسك،أترتضيها ؟

وإذا كان للحرية المطلقة وجود فإن هذا يعني أستغلال الأقوى للأضعف ، واستغلال الأذكى للأغبى ، واستغلال الأغنى للأفقر ، واستغلال الجرئ للجبان ،وهكذا ، حيث كانت الحرية في زمن الجاهلية تشير الى السيد الحر وسلطته على عبيده و في العصور الوسطى تشير الى القوة و وامتلاكها في صراع الملوك وانتصر فيه النبلاء وبذلك تصبح كلمة حر تعني نبيل ، على سلطته على الملوك بحيث اصبحت كلمة حر تشير الى القوة واخيرا في العصر الحديث الرأسمالي جعل الحرية حرية فردية تشير الى حرية الحركة والتنقل والتعاقد اولا ورأسمالية ثانياً ، اي تخدم العلاقات الطبقية ، وبالتالي تجعل من حق البعض التحكم في حرية الأخرين .كما عبر عنها نعوم تشومسكي في عصر الرآسمالية تعد الحرية نوعا ن السلع اذا كنت شديد الثراء يمكنك الحصول على كثير منها فالحرية ماهي إلا ألفاظ ،لتبريرات إيدلوجية ،.ليست كما تظن بالفعل،

والواقعُ المرير الذي تعيشه البشرية اليوم أكبر شاهد على ذلك، حيثُ تحولت البشرية اليوم إلى استعباد القوي للضعيف والكبير للصغير، وذلك على مستوى الأفراد والطوائف والدول..

ثم إذا نظرنا إلى الحرية التي يتشدقون بها، وجدنا معناها عندهم التحرر من عبادة الله عز وجل وأوامره ونواهيه، وانطلاق الناس في حياتهم كالبهائم بل أضل،  بحيث أصبحوا عبيدًا لشهواتهم وكبرائهم ومناصبهم ونسائهم، فاستبدلوا حريتهم الحقيقية التى هي عبادة الله عز وجل التي فيها العزة والكرامة والحرية، بعبادة بعضهم لبعض، وعبادة الأهواء، حيث الذلة والمهانة والرق الحقيقي.

ولذلك تأمل قول الصحابيَّ الجليل ربعي بن عامررضي الله عنه ،حينما سأله رستم:ما الذي جاء بكم؟ قال ربعي:جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

ويقولُ في موطنٍ أخر :عن مستعبد القلب لغير الله تعالى:

ويقولُ سيد قطب، رحمه الله تعالى:

إنَّ الدينونة لله تعالى تحرر البشر من الدينونة لغيره، وتخرجُ الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، وبذلك تحقق للإنسان كرامته الحقيقية وحريته الحقيقية..

هذه الحرية وتلك الكرامة اللتان يستحيل ضمانهما في ظل أي نظامٍ آخر غير النظام الإسلامي، والذين لا يدينون لله وحده يقعونَ من فورهم في شر ألوان العبودية لغير الله، في كل جانب من جوانب الحياة، إنَّهم يقعون فرائسَ لأهوائهم وشهواتهم بلا حد ولا ضابط”.[3]في ظلال القرآن 3/ 1939،1940

 

 

 

ويقولُ في موطنٍ أخر :عن مستعبد القلب لغير الله تعالى:

فتارةً تجذبه الصور المحرمة وغير المحرمة، فيبقى أسيرًا عابدًا لمن لو اتخذه هو عبدًا له لكان ذلك نقصًا وعيبًا وذمًّا.

وتارةً يجذبه الشرفُ والرئاسة، فترضيهِ الكلمة وتغضبه الكلمة، ويستعبدهُ من يثني عليه ولو بالباطل، ويعادي من يذمه ولو بالحق.

وتارةً يستعبدهُ الدرهم والدينار، وأمثال ذلك من الأمور التي تستعبد القلوب، والقلوب تهواها، فيتخذ إلهه هواه، ويتبعُ هواه بغير هدىً من الله.

ومن لم يكن مخلصًا لله عبدًا له، قد صار قلبه مستعبدًا لربه وحده لا شريك له، بحيث يكون هو أحب إليه مما سواه، ويكون ذليلاً خاضعًا له، وإلا استعبدته الكائنات، واستولت على قلبه الشياطين، وكان من الغاوين إخوان الشياطين”(

يقولُ شيخ الإسلام، رحمه الله تعالى:

إذ الرق والعبودية في الحقيقة:هو رقُّ القلب وعبوديته، فما استرق القلب واستعبده، فالقلبُ عبده، ولهذا يقال:

2
العبدُ حُرٌ ما قنع، والحرُ عبدٌ ما طمع”

[4]العبودية(32ـ38)باختصار

 

المصادر:

المنتدى الإسلامي العالمي للتربية

موقع “ناصحون”

اختراع الحرية في العصر الحديث والعبودية السائلة ،قناةرواسخ

المراجع

المراجع
1 الشيخ سامح الجبه
2 ناصحون
3 في ظلال القرآن 3/
4 العبودية(32ـ38)باختصار